طفلك الصغير ... كيف يعتمد على نفسه! د.علي رضا
"ابنتي العزيزة ملتصقة بي وبأبيها بشدة, فهي دائما تلاحق أي واحد منا كظله وترفض اللعب مع بقية الأطفال أو حتى التحدث مع الكبار" شكوى ترددها أم حائرة.
وتتساءل هذه الأم كما يتساءل العديد من أولياء الأمور عن الطريق السليم إلى جعل أطفالهم الصغار يتمتعون بشخصية مستقلة تساعدهم على الاندماج مع بقية الأطفال عند دخول المدرسة وفي المستقبل تجعلهم قادرين على مواجهة الحياة وتحمل المسؤلية.
يؤكد خبراء علم النفس أن للأمهات والآباء دورا هاما في تحديد سلوك الأبناء, فالطفل يكون دائما في حاجة إلى أحد والديه أو كليهما دائما ليؤكد له أنهما يشجعانه لأنه أجاد التصرف في موقف معين, فالصغير دائما يلتفت لأمه عندما يقوم بتجربة جديدة بمفرده مثل ارتداء ملابسه أو شرب كوب اللبن دون مساعدة فالوالدين هما القادرين على غرس الجرأة والقدرة على الاعتماد على النفس عند الصغير.
وعلى أولياء الأمور إدراك أنه ليس من السهل على الصغار اكتساب القدرة على الاعتماد على النفس كما أن هذه الصفة للأبناء مثل الدروس المدرسية ولكنها أسلوب تربوي يتبعه الأهل فيكون له صداه بالتفاعل مع الاستعداد النفسي لدى الطفل , كما تلعب أيضا الظروف الاجتماعية وعدد الأشقاء دورا في تحديد شخصية الطفل.
إن الطفل الذي ينعم بحنان أمه المتدفق خلال العام الأول والثاني من عمره يشعر بالأمان وعادة لا يشعر بالقلق أو الخوف فيتصرف بتلقائية عندما يبلغ سن الثالثة أو الرابعة والطفل الذي يشعر بالطمأنينة يتمتع بالثقة بالنفس ويتعامل مع الآخرين بسهولة ويندمج مع الأطفال في مثل عمره ولا يعاني من أي مشاكل عند دخول المدرسة.
وأحيانا تكون لهفة الأم المتزايدة على سلامة صغيرتها ورغبتها المتزايدة في حمايتها سببا لالتصاق الطفلة بالأم بصورة مبالغ فيها كما يعتري قليلا من الأمهات إحساس لاشعوري بالسعادة لأن طفلتهن تعتمد عليهن وتستمد منهن قوتها فتقوم الأم بالتمادي في تدليل الطفل والالتصاق بها دون إدراك أن الابنة ستتمادى في الاعتماد على الأم عندما تكبر, وهناك عدة نصائح تساعد الآباء والأمهات في توجيه الأبناء الصغار نحو الطريق السليم لاكتساب القدرة على الاعتماد على النفس وتتلخص في النقاط التالية:-
- إطلاق الحرية للطفل في الحركة بالمنزل دون قيود مع عدم الاستجابة لجميع مطالبه فعلى الأم أن تتعلم كيف تقول "لا" للصغير بأن تسمح له باللعب في لعبة ولا تسمح له باللعب في جهاز التسجيل أو كسر الأكواب.
- إعطاء الصغير فرصة التعبير عن نفسه وعن رأيه وعن غضبه. فإذا رفض مثلا تناول نوع معين من الطعام فعلى الأم عدم إرغامه على ذلك بل يجب احترام رغبته فتنفيذ الطفل لجميع رغبات الأم لا يعني أنه ينشأ على الأخلاق المثالية.
- عدم توقع الأم أن يتصرف الطفل كشخص بالغ مع إدراك أن الصغير سيتعلم من أخطائه وأن فرص الوصايا الكاملة عليه ستفقده الثقة بالنفس وتجعله مع مرور السنوات غير قادر على التصرف أو اتخاذ القرارات بمفرده.
- إسناد مسؤلية القيام ببعض المهام للصغير والتي تناسب قدراته.
- محاولة تعليم الصغير القدرة على اتخاذ القرارات منذ الصغر فيمكن أن تطلب منه الأم أن يختار بنفسه هدية سيقدمها لصديق في مثل سنه.
وعلى الأم أن تقنع الصغير بالتصرف بمفرده وهى القادرة على تشجيعه في خوض التجارب المختلفة دون أن يشعر بسيطرتها أو بأنها تثقل عليه فالأم أكثر قدرة على معرفة استعداد طفلها وكيفية مساعدته للتغلب على الإحساس بالخوف الذي يسيطر عليه مثلما يتملك الخوف أحيانا الكبار فالطفل الذي يخاف تجربة جديدة لا يكون ذلك نتيجة لخلل في شخصيته وإنما لأنه طفل بلغ درجة من الذكاء يدرك أنه ربما يكون هناك خطر عليه من المجهول وخوف النفس من المجهول غريزة لدى الجميع صغيرا وكبيرا.
وكلنا أمل في أن يجد الأبناء المناخ الجيد للاعتماد على النفس فتتولد لديهم الثقة بالنفس والإبداع........