ببساطة ..لكل مشكلة زوجية سبب وحل ..!!
نظرا لكون البشر مختلفون في طبائعهم وسماتهم النفسية والخلقية ، فإنهم بالتالي يختلفون عند مواجهة الأحداث والظروف المختلفة .
وفي حالة الخلافات والمشكلات الزوجية تظهر طبائع المرء النفسية والخلقية ، ويتم تحديد سماته الشخصية .
فبعضنا تجده هادئ مستفز ، والآخر كالبركان المشتعل بعضنا يواجه بقوة وصرامة ، والآخر ينسحب تاركا الميدان ، تعالوا لنلقي نظرة على الأنماط الشائعة للأزواج والزوجات عند حدوث مشكلة ما :
(1) الشريك الهجومي : هو الشريك الذي يندفع في اي مشكلة زوجية كي يلقي باللائمة على الطرف الآخر ، دائما هو في الموقع السليم ، والآخر هو سبب ما يواجههم من مشكلات ، كلماته كقذائف اللهب ، حجته لا تقبل المناقشة .
هذا النوع ـ سواء الزوج أو الزوجة ـ يسبب نوع من التوتر في البيت ، والتعامل معه يجب أن يكون بالهدوء لا بالصوت العالي المضاد ، تحتاج وأنت تتعامل مع شريك بهذا الشكل أن تتفق معه في أوقات غير أوقات النقاش عن آليه لإدارة الحوار ، حدثه أنك تحبه وتحترمه بيد أن طريقته في النقاش قد لا تصل بكما إلى حل للمشكلات التي تواجهكم .
كذلك من الجميل عند التعامل مع الشريك الهجومي امتلاك أدوات الهدوء والحكمة وكظم الغيظ واستشعار الفائدة التي ستعود على المرء من ذلك ، يقول رسول الله × )مامن جرعة أعظم أجراً عند الله ؛ من جرعة غيظ ؛كظمها عبد ابتغاء وجه الله ) ( )، اضف غلى ذلك أنه في كثير من الأحيان يكون الشريك الهجومي المندفع يمتلك قلبا دافئا طيبا .
(2) الشريك المنسحب : جملته الخالدة ( لنتحدث في هذا الموضوع فيما بعد) ، مما قد يصيب الشريك الآخر بحالة من الانفجار أمام بروده وانسحابه المستفز .
إذا كان شريكك من هذا النوع ، فالأفضل ألا تنفجر غيظا أو حنقا منه ، بل حاول أن تجاريه في اختصاره ، قل له ( حسنا ، لنؤجله لما بعد) ، تحلى بالصبر والهدوء أثناء تعاملك معه ، وحدثه في المشكلة في وقت آخر .
(3) الشريك المسالم : يعمل على طرد المشكلات باستماتة ، لا يحب النقاش أو الشجار ، كل ما يشغل باله في أي مشكلة هو الخروج بالعلاقة الزوجية بسلام . هو زوج يحب الهدوء والسكينة ، بيد أنه قد يجنح إلى السلبية في أوقات عدة تفاديا لمواجهة مشكلة ما ، وهذا الزوج يجب أن نستغل فيه حبه في البعد عن المشكلات ، مع تذكيره في الأوقات التي تحتاج إلى تدخل حازم بأهمية الحسم والمواجهة .
(4) الشريك المراوغ : لا يمكن للطرف الآخر إقامة حجة عليه ، مراوغ كالثعلب ، بدهاء غير موصوف يقلب الطاولة ويغير مجرى الحديث ، ليعلن بابتسامة مستفزة أنه على حق .
يقتنص خطأك ولو كان بسيطا فيضخمه ، ويقلل من حجم خطأه حتى يكاد يخفيه ، وتعاملك مع هذا النوع لا يكون بالشكوى ، ولا محاولة مجادلته فهذا ملعبه ، وإنما بالهدوء والتركيز على المشكلة وعدم الانسياق وراء مراوغته ، مهما يحاول البعد بك عن مركز المشكلة أعيديه إلى نقطة الخلاف بهدوء وحكمة .
(5) الشريك الحكيم : يمتلك ذكاء وحكمة تؤهله للخروج من المشكلات بذكاء ، يتصرف بشكل مُرضي له وللطرف الاخر . يجب شكر هذا الشريك بمعاملته بالمثل ، وتقدير عقله وتفكيره ، واحذر أن يغرنك عقله وحكمته فتزيد في مشاكساتك ، واحمد الله أن وهبك مثل هذا الشريك الرائع ، يقول تعالى (هل جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (60) الرحمن
قد تجد أن فيك عزيزي القارئ بعض صفات من هذا وبعضا من ذاك ، بيد أنك سترى فيك ميلا إلى صنف من هذه الأصناف الخمس ، ومن أجل أن تنعم بحياة زوجية رائعة أنصحك بأن تتخفف من العيوب التي قد تجدها فيك مما ذكرناه سابقا ، وقبل أن تنظر لطبيعة الطرف الآخر وتصنفه ، أنظر لنفسك وقومها .
ومهما كانت طبيعة شريكك ، فالعفو يصلح مع الجميع ، والصبر ترياق نادرا ما يفشل ، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مازاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) .
ومن أجل امتلاك أكثر لزمام الأمور فأنصحك عند حدوث مشكلة زوجية ، وتشعر أن الحنق يملك فؤادك أن تنتبه لما يلي :
1. أن المشكلات الزوجية مفيدة ! : وأن البيت الذي ليس به مشكلات هو البيت الذي طمست فيه شخصية طرف لصالح الطرف الآخر ، فمن الصحي والضروري وجود المشكلات لأسباب عديدة منها تأكيد الاختلاف والتحاور وإثراء التجربة، وكذلك للعثور على حلول لما يواجه الاثنين من معضلات موضوعية، تفرضها الوقائع اليومية .
2. ابدأ النقاش بلطف : لا تصعد وتيرة الخلاف منذ اللحظة الأولى ، لا تبدأه بالنقد والاذدراء او بشكل فيه روح المواجهة والندية ، بمقدار ما تتمتع به من لطف وحنو يكون خروج الحوار أو النقاش بشكل سليم مرضي لكلا الطرفين .
3. مهما كان الخلاف حادا إلا أننا لسنا أعداء : هذا ما يجب أن يقر في وجدان كل منكما ، يجب أن نؤمن أن الحب لا يطرد المشكلات وإنما يجلبها ، لا بد ما دمنا نحب بعضنا البعض ونغار على بعضنا البعض أن يكون هناك مناوشات ومشكلات ، وهو أمر محمود ما دام ليس به ما يجرح ما دمنا قادرين على حصره في حجمه الطبيعي ، أما الهجوم والصراخ والاحتجاج الحاد فهو الذي يصنع شقاق وعداء .
4. تفادي الوصول إلى مرحلة الانفجار : عندما ترتفع حدة النقاش ، وتبدأ نقطة الانفجار تظهر بوادرها ، فيجب أن نبحث وباستماتة عن سبل لمنع حدوث هذا الأمر ، هذه النقطة بالذات تشكل محورا هاما في استمرار الزواج ، ويكون هذا ممكنا إذا ما امتلكنا القدرة على تهدئة النفس وتهدئة الطرف الآخر بالتعاطف والإنصات الجيد، الأمر الذي يرجح حل الخلافات العائلية بفاعلية، وهذا ما يجعل الخلافات الصحيحة بين الزوجين معارك حسنة تسمح بازدهار العلاقة الزوجية وتتغلب على سلبيات الزواج التي إن تركها الطرفان تنمو على أن تهدم الزواج تمامًا.
5. تنقية النفس من الأفكار المسمومة: يؤكد د. جون جوتمان ـ العالم النفسي ـ أن حالة انفلات الأعصاب تثير وبشدة الأفكار السلبية عند الطرف الآخر وبالتالي تساعد الطرف الغاضب على إصدار أحكام قاسية قوية .
ويؤكد بأن إزالة الأفكار المسمومة من النفس، تساعد عل معالجة هذه الأفكار بشكل مباشر !، فمثلا عندما يقول الواحد منا "أنا لا أستحق مثل هذه المعاملة" ، " لماذا دائما يعاملني بهذه الطريقة السخيفة " ، " إنه يتعمد اهانتي واستفزازي " ، كل هذه العبارات وما شابهها تثير أحاسيس مدمرة تشعر المرء ـ خاصة الزوجة ـ بأنه ضحية بريئة والتمسك بهذه الأفكار والشعور بالغضب وحرج الكرامة تعقد الأمور.
وكي يتخلص الشريك ـ خاصة الزوجة أيضا ـ من قبضة هذه الأفكار المسمومة ، فإنه يجب عليه أولا رصدها بوعي وإدراك كاملين ، وعدم تصديقها والتشكيك الدائم في صدقها ، وبذل مجهود في استرجاع شواهد تدحض هذه الأفكار ، فبدلا من أن تقول الزوجة مثلا : إنه لم يعد يهتم بي ـ إنه هكذا دائما أناني ، أن تتذكر المواقف التي ضحى زوجها من أجلها واللحظات التي اهتم فيها بمشاعرها وحقوقها ، وتقول لنفسها بالرغم من مضايقتها لي الآن إلا أنه يهتم بي في أوقات كثيرة ويراعي مشاعري وحقوقي ، هو أبو أبنائي وطالما تعب من أجلنا واهتم بنا ، لا يجب أن أنسى كل هذا رغم حنقي منه الآن .
وهكذا تفتح الصيغة الأخيرة بتداعياتها الباب لإمكانية الوصول إلى حل إيجابي للمشكلة.
6. تخلص من داء (الإنصات الجزئي) ! : فمما ثبت أن البشر يميلون إلى سماع الجزء الذي يريدون سماعة دون الإنصات لكل ما يقال . هذا الإنصات الجزئي غالبا ما يحدث عندما يكون الحديث ذو طابع جدي ودقيق وحساس . يدفعنا هذا الخلل إلى صم الأذن بشكل لا إرادي عن نقاط إيجابية كثيرة في طيات الحديث والتركيز فقط على ما نود التركيز عليه ! .
زوجتك مثلا تتحدث عن قلقها وحزنها واكتئابها لأنها تظل في المنزل طيلة اليوم ، بينما أنت في العمل الذي يلتهم جل وقتك، أنت لا تتفهم شكواها ولم تشعر بها ، أنت اكتفيت بمعرفة أنها ضجرة وتريد الخروج ، وتبدأ في إقناعها بأنك تعمل من أجل حياة كريمة لكما ولأبنائكما .
والأولى أن تستمع بحس مرهف لما تقوله ، وتتفهم بدقة حجم شكواها وتحاول إدراك وجهة رؤيتها و محاولة تفسير ما تحاول قولة من وجهة نظرها هي وليس من وجهة نظرك أنت .
7. توقف عن لوم الطرف الآخر وركز على حجم مساهمتك أنت في المشكلة. أنظر لما يمكنك أن تقدمه لإنهاء الخلاف دون النظر لما فعله هو لإزكاء الخلاف !
8. لا تستخدم ما أخبرك به شريكك من أسرار ـ في لحظة ثقة ـ داخل جدالكما : فهذا من شأنه أن يبعد الأمان عنكما ، ويشعر الطرف المعترف بعدم الثقة .
9. حاول أن تخبر شريكك بمشاعرك التي تشعر بها : ( حزن ـ ألم ـ دهشة ـ خوف ) وبطرق متحضرة متفتحة ، هذا من شأنه أن يخلق نوعا من التعاطف الحار المتبادل مع حالتك .
10. ضع شريكك في ذهنك وأنت تجهر بآرائك وتلقي بما لديك : ضعه في ضميرك والطف به ، لا تنسى أنه شخص مختلف عنك ويمتلك خبرة حياتية غير التي تمتلكها دفعته لقول يخالف قولك ، ورأي قد لا يستسيغه عقلك .
11. لا تنهي النقاش دون وضع حد له : فإما إنهائه ، وإما تحديد وقت آخر لمناقشة مالم يتم الاتفاق عليه .
12. تذكر دائما أن أقرب الطرق بين نقطتين هو الخط المستقيم : في بعض الأوقات يكون التحايل والالتفاف على الصدق ذو نفع ، لكن نجاح ذلك يظل محدودا، وعلى المدى الطويل لا يصح إلا الصحيح. إن الخطأ من طبيعة البشر، والاعتذار حال اكتشاف الخطأ هو أحد أهم سمات الشخص المنصف والشجاع .
يمكنك من خلال استيعاب هذه النقاط أن تدفع حوارك ليكون أكثر سلاسة ، أقل حدة ، ذو طابع ودي يساعد على حل المشكلة ، وتنأى بنفسك وشريكك عن الإسفاف والتركيز دائما على العيوب الشخصية والسلبيات التي يقع فيها كل طرف .
إن الخلاف الزوجي بالنسبة للزوجين اللذان يمتلكان ذكاء وفطنة هو أحد العوامل المضيئة التي تؤدي إلى حب دائم وراسخ .
وبالإرادة القوية نستطيع تغيير كثير من سلوكياتنا الغير صحيحة ، بأخرى أكثر إيجابية ، ونستطيع تعلم كيف يمكننا عند الخلافات أن ندفع عجلة حياتنا نحومزيد من الحب والنمو والتقدم ، بدلا من تركها للنقاش الحاد وسوء الفهم ليقضوا عليها .
منقوووووووول